المهندس بول جاموس
إن اردنا تلخيص عام 2020 على فيراري بكلمةٍ واحدة فقط ستكون بأسوأ الحالات (مأساة) وبأفضلها (كارثة). الموسم كله وبكل تفاصيله كان نكبة على الحصان الجامح بكل ما للكلمة من معنى.
بدايةً من التجارب الشتوية وأزمة وحدة الطاقة، والتسوية الغامضة مع الإتحاد الدولي للسيارات (فيا)؛ مرورًا بالتأثير الكبير لجائحة كوفيد-19 على الفريق المتمركز في مارانيلو في ايطاليا، وصولًا إلى انهاء الموسم في المركز السادس في ترتيب بطولة الصانعين، أسوأ نتيجة للكتيبة الإيطالية في بطولة العالم للفورمولا1 منذ العام 1980.
وحدة الطاقة: القوة الأساسية لفيراري في موسم 2019 تحوَّلت إلى نقطة الضعف الأبرز في 2020؛ بغض النظر عن “الاتفاقية الخاصة” التي تم التوصل إليها بشأن هذه المسألة مع الـ فيا، كانت النتيجة الصافية هي خسارة حوالي 65 حصانًا من القوة الإجمالية لوحدة طاقة الحصان الجامح. و ما كان يقدّر تفوقًا بـ 25 حصانًا بالنسبة لفيراري في عام 2019 أصبح عجزًا بأكثر من 40 حصانًا عن مرسيدس، والنتيجة كانت تذيّل الفريق الإيطالي لترتيب القوة الحصانية عام 2020 ما بين وحدات الطاقة الأربعة (مرسيدس-هوندا-رينو-فيراري).
كانت هذه خسائر “فادحة” فُرضت في وقتٍ قصيرٍ نسبيًا، ووضعت هذه الضربة القاضية فيراري أمام خيار تمثل بالتقاط الحطام المبعثر واعادة ترتيبه من جديد لإستكمال الموسم وبأقل الأضرار الممكنة. لكن ما لبث أن تم تقييد قدرتها على القيام بذلك بسبب تجميد تطوير وحدة الطاقة الذي تم وضعه استجابةً لوباء الكورونا المستجد واغلاق المصانع.
صممت فيراري سيارتها(SF1000) لعام 2020 لمعالجة النقص في قوى الضغط السفلي (Downforce) التي كانت تعانيه سيارة موسم 2019 القوية للغاية من حيث القدرة الحصانية.
أتت هذه المعالجة على حساب زيادة كبيرة في عامل الجر في الهيكل (Drag). لكن تلك الحسابات التي تم على أساسها إجراء التغيير الكامل في التركيز على التصميم استندت بشكلٍ رئيسي إلى القوة الهائلة التي تمتعت بها سيارة العام الماضي في وحدة الطاقة. ونتيجة “الإتفاقية السرية” التي أجبرت الفريق إلى الحد من قوة وحدة الطاقة لموسم 2020، وجدت فيراري نفسها أمام سيارة تفتقر بشكلٍ كبيرٍ للقوة وفيها مستوى سحب مرتفع للغاية.
شهد أداء السيارة تذبذبًا وتقلبًا كبيرًا هذا الموسم بحسب طبيعة الحلبات، بحيث كانت تعاني معاناة شديدة في الحلبات التي تتطلب قوة كثيرة من وحدة الطاقة، اضافةً إلى هيكل مقاوم للهواء بدرجة كبيرة من جراء التصميم ذات المستوى المرتفع من السحب. أما الأداء كان أفضل نسبيًا في الحلبات التي تتطلب مستويات ارتكازية أكبر.
لمعرفة سبب تراجع فيراري الكبير في عام 2020 لا بد من الغوص أكثر في التقنيات و تسليط الضوء على نظام تدفق الوقود؛ تمكنت وحدة الطاقة في سيارة فيراري عام 2019 من سحب كمية أكبر من الوقود إلى غرف الإشتعال خلال الفترات الزمنية لقراءة تدفق الوقود، (مقياس التدفق تمت برمجته عند قراءة واحدة تقريبًا في الثانية).
على الرغم من أن هذه الحيلة أو الخدعة لا تمثل انتهاكًا صريحًا للقوانين، نظرًا لأن معدل تدفق الوقود كان ضمن المعيار القانوني بين قراءة واحدة والتالية، كان على الـ فيا التدّخل من خلال إدخال عدادات تدفق متتالية هذا العام، مع مستشعرات للقراءة على فترات متداخلة، وذلك لجعل من المستحيل تجاوز سعة 100 كيلوغرام/ساعة المنصوص عليها في القوانين المرعية الإجراء، والتي كانت تحوم الشكوك حول تجاوزها من قبل فيراري بطريقة ملتبسة جدًا.
حساس سرعة تدفق الوقود التي ادخلته الـ فيا على وحدة طاقة فيراري في 2020
وفيما يتعلق باستخدام الزيوت المضافة التي تزيد إلى القيمة الحرارية للوقود (وبالتالي لا تؤدي وظيفة التشحيم فقط)، فرض الإتحاد الدولي للسيارات حدًا لاستخدام الزيوت إلى 300 غرام لكل 100 كيلومتر لعام 2020، أي نصف الكمية مقارنةً بالموسم السابق. كل ذلك سلّط الضوء على الضعف الحقيقي لفيراري في موسم 2020، وحتى إلغاء استخدام الخرائط المتعددة لوحدة الطاقة بدءًا من جائزة ايطاليا الكبرى لم يكن كافيًا لتقريب الحصان الجامح من منافسيه.
بالنظر إلى عام 2021، تمتلك فيراري بالفعل وحدة طاقة أُعيد تصميمها من الصفر تقريبًا، والتي يثق مديرالفريق ماتيا بينوتو أنها لن تخيّب الأمال “أستطيع أن أؤكد أن وحدة الطاقة تعمل بشكلٍ جيد على الداينو. أعتقد أنه من حيث الأداء، فقد تقدمت كثيرًا بشكلٍ ملحوظ مقارنة بما كانت عليه عام 2020”. وأضاف بينوتو: “أعتقد أننا سنعود إلى المنافسة على جبهة وحدة الطاقة، لن نكون الأسوأ في هذا المجال وهذا هو الشعور الذي شعرت به من الأرقام التي رأيتها على الداينو، لكن لا يمكنني معرفة ما يفعله الأخرون أو مدى تقدمهم. من المفترض أنّ محرك الاحتراق الداخلي الجديد قادر على توقع أوقات الإنفجار بشكل اكثر دقة من السابق.”
من المرجح أن تكون وحدة الطاقة الجديدة مجهزة بتوربينات جديدة أصغر حجمًا من أجل العمل مباشرةً على جهاز استعادة الطاقة الحرارية (MGU-H) وتحسين كفاءتها ولكن في جميع الاحتمالات، سيركّز مهندسي فريق فيراري عملهم على الجزء الهجين، للبحث عن الأحصنة المفقودة. قد يشير تغيير موقف بينوتو بشأن الموافقة على تجميد المحركات العام المقبل إلى أنه والفريق واثقون من أنهم قد فهموا الأمر بشكل صحيح هذه المرة.
قد يبدو أنّ المشكلة الرئيسية لفيراري في موسم 2020 كانت في قوة وحدة الطاقة فقط ولكن بالتوازي عانى الفريق من مشاكل كبيرة في ديناميكية السيارة الهوائية ككل، ففي البداية ادت القراءات الخاطئة لمعطيات نفق الهواء إلى تشتيت التطوير ما ادى إلى عدم استقرار انسيابي من مقدمة السيارة مرورًا بالأرضية والجوانب وصولًا إلى خلفية السيارة وعدم ثباتها بالمطلق وهذا ما اشتكى منه سائقي الفريق شارل لوكلير وسيباستيان فيتيل طيلة الموسم. لذلك قامت فيراري بإجراء بعض التغييرات خلال الموسم من خلال رزم تحديثات اتت في الجولات10-13(روسيا-أيمولا) في الأرضية، مقدمة و خلفية السيارة والناشر، لمحاولة تحسين هذا الجانب.
كانت هذه التغييرات في الاتجاه الصحيح ولكنها لم تحقق أرقامًا مذهلة. ومع ذلك، كان لها تأثير إيجابي أكبر من الأرقام المقترحة، لأنّ التحسّن في التناسق سمح للسائقين بالحصول على المزيد في اللفة السريعة الواحدة. وكان هذا ملحوظًا بشكل خاص مع سيباستيان فيتيل الذي عانى بشدة في الثلثين الأولين من الموسم.
ما الذي نتظره في الموسم 2021؟
من الواضح تمامًا أن عام 2021 سيكون عامًا انتقاليًا لفريق فيراري، بغض النظر عن وحدة الطاقة التي ستقدمها كتيبة مارانيلو. سلّط نقص الطاقة في وحدة الطاقة 2020 الضوء على حقيقة أنّ فيراري، من وجهة نظر الديناميكية الهوائية والشاسيه، تحمل معها عيوبًا سابقة لم تتمكن من تعويضها بالأداء الضعيف لمحرك هذا العام.
فرضت قوانين مفاتيج التطوير تجميد أجزاء مهمة من السيارة مثل الأجزاء الداخلية من نظام التعليق، وعلبة التروس، وغيرها والتي تمت الموافقة عليها بالفعل خلال هذا الموسم ولا يمكن تغييرها. ركّزت فيراري كثيرًا على منطقة خلفية السيارة، حيث ستنفق على الأرجح المفتاحين المميزين المتاحين للتطوير لديها لتعديل هيكل الاصطدام الخلفي والأجزاء الداخلية من التعليق، لسحب أذرع المثلث لأغراض تتعلق بالديناميكية الهوائية، كما هو الحال بالفعل في سيارة مرسيدس W11 هذا العام (مراجعة مقال مرسيدس).
حتى وإن وصلت فيراري إلى وحدة طاقة تنافسية في 2021، فمن المحتمل ألا يكون ذلك كافيًا لرؤية السيارة حمراء في أعلى عتبات منصة التتويج، ولكن ربما من الممكن أن يكون شارل لوكلير والوافد الجديد كارلوس ساينز على منصات التتويج بشكل أكثر.
أُدرك أنني لست هنا إلى أجلٍ غير مسمى، أضاف بينوتو في إشارة إلى الضغط الذي يتعرض له لإعادة فيراري إلى الموقع الطبيعي للمنافسة في المقدمة. “هذا يعتمد كثيرا على أدائنا في المواسم القادمة، كانت الاستجابة “لضربة” الاتحاد الدولي للسيارات فيها إيجابية بشكل عام حيث كانت السيارة أفضل بكثير في نهاية الموسم منها في البداية. ولكن يمكن رؤية المشهد الكامل لهذا الانتعاش بشكل أكثر دقة في العام المقبل عند التحّرر من تجميد وحدة الطاقة، ومع المفاتيح التطويرية التي يجب إنفاقها على تصحيح خلفية السيارة(هناك نظام تعليق جديد في 2021) “.
في النهاية يُدرك بينوتو والجميع أنّ موسم 2021 هو مرحلة انتقالية كبيرة للحصان الجامح وبالتالي المقارنة ستتمحور حول مدى التحسّن الذي سيطرأ على السيارة في 2021 ويبقى التركيز كله على موسم 2022 عندما سيبدأ الجميع من الصفر العمل على تصاميم ستحملها القوانين الجديدة على الصعيد الإنسيابي، مع ابقاء صيغة وحدات الطاقة على حالها والتي يمكن تجميد تطويرها إذا اتفقت جميع الفرق على ذلك. فهل سيكون موسم 2021 العودة للحصان الجامح إلى الطريق الصحيح وهل سيستكمل الفريق لملمة الأشلاء التي تبعثرت في عام 2020 الكارثي؟
