في نيسان/ أبريل الماضي للعام الحالي ومع إنتهاء جائزة الصين الكبرى، توجه سيباستيان فيتيل لتهنئة منافسه لويس هاميلتون الفائز حينها. مذاك تبدلت الصورة بين السائقَين بعد إحكام البريطاني قبضته على صدارة الترتيب العام المؤقت للسائقين برصيد 263 نقطة متقدمًا بفارق 28 نقطة عن الألماني قبل 6 جولات من النهاية. ولكن فيتيل أثبت خلال مسيرته أنه قادر على هدم “الهوة” من ناحية النقاط في نهاية الموسم. فإليكم البرهان ونترك لكم حرية التعليق ومساندة فيتيل أو الوقوف إلى جانب هاميلتون!
يوم الأحد (17 أيلول/ سبتمبر) ومع نهاية سباق سنغافورة غادر سيباستيان فيتيل الـ “بادوك” بسرعة، لا بل أسرع من المعتاد، وذلك من أجل “مسح” من مخيلته وذهنه هذا اليوم المشؤوم والمكلف جدًا بالنسبة له (من ناحية النقاط) وكي يضع نفسه بسرعة “بوضعية القتال”، وهو الذي إعتاد على هذه الوضعية منذ بداية مسيرته. فمنذ عامه الأوّل حين كان قادرًا على المنافسه على التاج العالمي (2009) رفض الألماني دائمًا التخلي عن حقوقه. حينها لم يتوقف كثيرًا عند واقع أن سيارته “ريد بُل” كانت أقل فعالية من سيارة “برون” للبطل المستقبلي جنسون باتون والتي كانت حينها مزودة بباعث الهواء المزدوج الساحر، حتّى أنه لم يهتم لواقع أنه كان يتأخر بفارق 21 نقطة بعد سباق سنغافورة وكان ما زال أمامه 3 جوائز كبرى فقط. فهو أراد دائمًا أن يؤمن بقدره حتى عندما لم يكن أي شخص يؤمن بذلك.
الدموع الصادقة الّـتي ذرفها فيتيل في البرازيل عشية تتويج البريطاني باتون تشهد على ذلك، وخلال السباق الأخير لذلك العام حصل على شرف الفوز بأول سباق يقام على حلبة مرسى ياس لأنه لم يرد أن ينهي البطولة مع علامة الفشل.
عام 2010 تكرر الأمر ذاته، ولكن هذه المرة تسلح فيتيل بخبرة كبيرة مما عاشه في العام السابق، رغم أنه تأخر بفارق 31 نقطة قبل 6 سباقات من النهاية، إلّا أنه قاوم وبدأ عملية الصعود. حينها كانت حظيرة “ريد بُل” ترسم الخطوات الأولى لفترة طويلة من الهيمنة (4 أعوام) وفضلت بشكل واضح السائق الألماني الشاب على زميله الأوسترالي مارك ويبر.
في السباق الأخير في أبوظبي، حيث لم يكن فيتيل يملك مصيره بين يديه (كان من الضروري أن يفوز فيتيل في وقت كان يحتاج فرناندو ألونسو لإحتلال أحد المراكز الأربعة الأولى من أجل أن يتوج باللقب)، إعتبرت هذه الجائزة أفضل مثال على القوة في أعماق فيتيل، الذي قال: “هزيمة عام 2009 آلمتني كثيرًا، لذا قررت أن لا أعيش مجددًا هذه الآلام”. وبالفعل نجح في الفوز بلقبه العالمي الأوّل بعدما رفع كأس المركز الأوّل لسباق أبو ظبي وتصدر الترتيب العام النهائي للسائقين للمرة الأولى، وبات أصغر سائق يحرز لقب بطولة العالم للفورمولا واحد. كما بات ثالث سائق بعد جون سورتيز عام 1964 وجايمس هانت عام 1976 يحرز اللقب بدون أن يتصدر البطولة في أي وقت سابق قبل الجائزة الكبرى الأخيرة من موسم المنافسات.
هذه القوة شاهدناها مجددًا عام 2012 بعدما تعرض فيتيل للعديد من المشاكل الميكانيكية المتكررة تاركًا ألونسو و”فيراري” في صدارة البطولة، فقبل 9 جوائز كبرى تأخر بفارق 42 نقطة، ولكن خلال السباق الأخير في إنترلاغوس، البرازيل برهن مرة جديدة عن قوة شخصيته: منذ اللفة الأولى تعرض لحادث ولكنه نجح في إنقاذ سيارته من الإنسحاب بفضل برودة أعصابه (دارت سيارته الـ “ريد بُل” بالإتجاه المعاكس للحلبة)، وقال حينها بعد وصوله إلى خط النهاية: “بالرغم من أي شيء لم يسر بإتجاهي أو لمصلحتي، إلّا أني آمنت دائمًا بحظوظي”.
وبعدما إنطلق مجددًا من الخط الأخير على متن سيارة “ريد بُل” متضررة، نجح في الوصول سادسًا محرزًا تاجه الثالث من أصل 4، فخطف لقب البطولة أمام ألونسو، الثاني في البرازيل، بفارق 3 نقاط فقط. حينها بات في سن الـ 25 عامًا أصغر سائق يحتفظ بلقبه للعام الثالث على التوالي، محطمًا الرقم السابق للسائق البرازيلي آيرتون سينا، الذي أحرز لقبه الثالث في مسيرته عام 1991 في سن الـ 31 عامًا. كما بات فيتيل ثالث سائق يحرز “هاتريك” الألقاب على التوالي بعد الأرجنتيني خوان مانويل فانجيو والألماني مايكل شوماخر.