بدايات لويس هاميلتون في عالم الفورمولا واحد كانت رائعة ولكن مؤلمة جدًا. لذلك تعلم الكثير. في عام 2007، وفي أوّل عام له على حلبات “الفئة الملكة” مع فريق “ماكلارين ـ مرسيدس”، وجد البريطاني نفسه في صدارة ترتيب البطولة، حينها لم يكن قد تخطى الـ 22 عامًا! وقبل سباقين من النهاية تقدم بفارق 12 و15 نقطة على التوالي عن منافسيه، زميله الإسباني فرناندو ألونسو (كان حينها بمعركة مفتوحة معه) وكيمي رايكونن.
ولكن خلال سباقين وبسبب الضغوطات الكبيرة “ذاب” هاميلتون وخسر اللقب الذي طالما حلم به. ففي جائزة الصين الكبرى خرج بمفرده عن المسار ليجد نفسه على الحصى، بعدما نسي أن المسار إلى المنصات يمكن أن يزال رطبًا. وفي البرازيل، بعد 15 يومًا، وفي حالة ذعر، وجد نفسه في حالة “الموت” منذ اللفة الأولى. وعلى الرغم من أنه بذل قصاراه للعودة، ذهب اللقب، أمام مفاجأة الجميع، للفنلندي كيمي رايكونن (فيراري).
هاميلتون سرعان من نسي هذه البدايات الكارثية، ففي 2008، وعلى الرغم من سباق لا يزال محمومًا، وصل إلى آخر منعطف من الجولة الأخيرة لذلك العام ونجح في تجاوز سيارة الألماني تيمو غلوك. وبإحتلاله للمركز الخامس حرم منافسه على اللقب فيليبي ماسا (فيراري)، الفائز بسباق البرازيل حينها، من التاج العالمي الذي إعتقد أنه رفعه عاليًا لثوانٍ قليلة. أما فوز هاميلتون باللقب العالمي فبدّل كل شيء في مسيرته.
عند ماكلارين، ولكن تحديدًا مع “مرسيدس” بعدما إنتقل إلى الحظيرة الألمانية، أظهر الإنكليزي إرادته في عدم التخلي عن أي شيء، فخلال عام 2014 وفي خضم “مبارزته” مع منافسيه وفي وقت إضطر أن يصارع حتّى الرمق الأخير في سباق أبوظبي حيث تم منح النقاط المزدوجة (حصل الفائز على 50 نقطة بدلاً من 25 والثاني على 36 بدلاً من 18 وهكذا دواليك)، لم يرتجف هاميلتون ونجح في الفوز بلقب آخر جائزة كبرى في ذلك العام.
عام 2015 ومع “الأسهم الفضية” سحق المنافسة بهيمنته بدون قسمة مع أحد، وحتّى زميله نيكو روزبرغ عاش أوقاتًا صعبة بدون أن يقاوم وناضل من أجل أن يبقى على قيد الحياة (9 إنتصارات للبريطاني مقابل 3 للألماني خلال تلك الفترة من العام)، كما أبهر الجميع عندما أحكم قبضته على جائزة الولايات المتحدة الأميركية. ففي أوستين، وقبل 3 سباقات من النهاية دفع زميله روزبرغ لإرتكب الخطأ وفاز، أمام مفاجأة الجميع، بتاجه العالمي الثالث في وقت أبكر من المنتظر.
في العام الماضي، وبعدما إنحنى أمام روزبرغ، حاول في أبو ظبي (الجولة الأخيرة من بطولة 2016) مناورة نهائية في محاولة منه للإحتفاظ بصولجانه، وعلى الرغم من أنه فاز بالسباق إلّا أنه خسر لقب البطولة، وقال دفاعًا عن نفسه بعد وصوله إلى خط النهاية: “لا أحب أن أخسر”.
هذه الرغبة في الفوز في أعماق هاميلتون ما زالت غير ملموسة، وهذا ما تكلم عنه مع نهاية سباق سنغافورة هذا العام عندما أصر على تصميمه على عدم النظر إلى الفارق المريح بينه وبين منافسه المباشر على اللقب سيباستيان فيتيل (28 نقطة)، ومما قاله: “لن أبدّل أي شيء من طريقة تعاملي مع السباقات الستة الأخيرة للموسم الحالي. لا يوجد أي سبب لفعل ذلك، وقد وجدت المزيج المثالي بين العدوانية والحذر. حتّى الآن هذه التوليفة تعمل بشكل رائع وسوف أتابع على النمط ذاته حتى السباق الأخير، وأنا أعرف أن الطريق ما زالت طويلة”.
في سن الـ 32 عامًا تعلّم هاميلتون كثيرًا من الأعوام الـ 11 الّتي قضاها في الفورمولا واحد. غير أن الحظ يمكن أن يدير ظهره له منذ الآن حتّى السباق الأخير للعام الحالي في أبو ظبي، على غرار ما حصل معه في ماليزيا العام الماضي عندما تعطل محرك سيارته، أو حين خاض عطلة نهاية أسبوع سيئة في سنغافورة عام 2015، أو حين تعرض لحادث في سبا عام 2014. ولكن كما حصل يوم الأحد في سنغافورة عندما واجه الأمطار، ردّ بكلمة حاضر، فهل سيتمكن من حسم اللقب لصالحه هذا العام ليدخل ضمن دائرة الأبطال الرباعيين للفورمولا واحد؟ نترك لكم الجواب على هذا السؤال!
أرقام قبل الحسم
21,5: هو متوسط عدد النقاط المسجلة من قبل لويس هاميلتون خلال الجوائز الكبرى الست الأخيرة منذ 3 أعوام. (من أجل تحقيق التناسق قمنا بتخفيض إنتصاره في أبوظبي عام 2014 إلى 25 نقطة بدلاً من 50).
10,6: هو متوسط عدد النقاط التي سجلها سيباستيان فيتيل خلال الجوائز الكبرى الست الأخيرة منذ 3 أعوام.
17: في المواسم الثلاثة الأخيرة، صعد لويس هاملتون 17 مرة إلى منصات التتويج خلال الجوائز الكبرى الست الأخيرة (من أصل 18 منصة تتويج ممكنة).
7: في المواسم الثلاثة الماضية، صعد سيباستيان فيتل 7 مرات إلى منصات التتويج خلال الجوائز الكبرى الست الأخيرة (من أصل 18 منصة تتويج ممكنة).
الخبير