“يجب أن تشعر باللحظة المناسبة عندما يحين الوقت للتغيير”
بهذه الكلمات أعلن فرناندو ألونسو رحيله عن فريق فيراري بعد خمس سنوات قضاها سائقاً للسيارة التي تشتهر بلونها الأحمر، بينما كانت أبوظبي تستعد لاستقبال سباق الجائزة الكبرى للمرة السادسة.
في هذا الموسم الذي شهد بدايات جديدة ونهايات مأساوية في بعض الأحيان، برز تغييران جديدان، كان الأول مع بداية الموسم والثاني مع نهايته في حلبة مرسى ياس، ولكل حدث أسباب مختلفة.
وكانت رياضة الفورمولا 1 قد رأت أن الوقت قد حان للتغيير والتخلي عن تقنيات القرن العشرين القديمة، وإحداث تقدم كبير على التقنيات المعتمدة في هذه الرياضة.
ففي موسم 2014، توقفت الفرق عن استخدام المحركات التقليدية واتجهت نحو استخدام وحدات الطاقة بدلاً عنها. وتعتمد وحدات الطاقة على تقنيات معقدة قد تصيب الإنسان العادي بالحيرة، لكنها تقدم أداءً مذهلاً.
كانت وحدات الطاقة الهجينة ذات الحجم الصغير والمزودة بشاحن توربينى، مطلب فرق المقدمة التي تسعى إلى إدخال التقنيات الحديثة ونقل رياضة الفورمولا 1 إلى المستقبل. وتعمل هذه الوحدات على الوقود والطاقة الكهربائية مع استخدام محرك صغير سعة 1.6 لتر.
وبالحديث عن فرق المقدمة، فإن موسم 2014 لم يعرف وجود سوى فريق واحد في المقدمة، حيث شهد سباق أبوظبي تتويج لويس هاميلتون، سائق مرسيدس، بلقب البطولة، ليعيد بذلك بطولة السائقين للفريق الألماني للمرة الأولى منذ تتويج الأسطورة فانجيو في موسم 1955، كما أن الفريق كان قد ضمن لقب بطولة الصانعين قبل ثلاث سباقات في روسيا.
ولكن لحسن الحظ، كانت المنافسة محتدمة بين زملاء الفريق الواحد لويس هاميلتون ونيكو روزبرغ، ولم يكن الصراع بينهما قد حسم بعد، وذلك عند الوصول إلى الجولة الأخيرة في أبوظبي والتي كان من المتوقع أن تحمل اسم “مبارزة في الصحراء”، حيث فصلت 17 نقطة فقط السائقين الانجليزي والألماني، واللذين تجمع بينهما صداقة ومنافسة منذ مشاركتهما معاً في سباقات الكارتينغ.
وهنا يبرز الحدث الهام الثاني في ذلك الموسم، إذ قررت اللجنة المنظمة لسباقات الفورمولا 1 قررت منح نقاط مضاعفة للسائقين في سباق الجولة الأخيرة في أبوظبي، الأمر الذي كان يهدد بقوة فرص هاميلتون للفوز باللقب على الرغم من تحقيقه عشرة انتصارات مقابل خمسة لروزبرغ في هذا الموسم.
وبالإضافة إلى كل من لويس هاميلتون ونيكو روزبرغ كان هناك سائق آخر قد تمكن من اعتلاء منصة التتويج في هذا الموسم، وهو دانييل ريكياردو، السائق الجديد في فريق ريد بُل، والذي حل بديلًا عن مارك ويبر. وأثبت ريكياردو منذ لحظة وصوله قدرته على التعلم من زميله في الفريق سيباستيان فيتيل على عكس مواطنه الأسترالي المعتزل.
فاز دانييل ريكياردو، صاحب الابتسامة العريضة، بثلاث سباقات، وبدا واضحاً أن فريق ريد بُل لم يعد الأقوى على الساحة على عكس فريق مرسيدس الذي كان يزداد قوة يوماً بعد يوم. وقد يكون الأداء الذي لم يرق إلى المستوى المطلوب، واحدًا من الأسباب التي دفعت سيباستيان فيتل لاتخاذ قرار الانتقال إلى فيراري. حيث تحدث عن ذلك بقوله: “أعتقد أنه في مرحلة ما، يجب التفكير في تحد جديد”.
وفي جولة التجارب التأهيلية أعلن روزبرغ عن رغبته في تحدي زميله في الفريق ومنافسه هاميلتون حيت استطاع تسجيل أسرع دورة بزمن 1:40.480 لينجح بالانطلاق من المركز الأول في السباق. لكن هاميلتون لم يستسلم لذلك حيث نجح في تجاوز روزبرغ وتصدر السباق منذ انطلاقته، وقال هاميلتون عن ذلك: “لقد كانت مثل انطلاقة الصاروخ”. ثم أضاف لاحقاً: “لقد كانت السيارة رائعة، أعتقد أننا حققنا الهدف من السباق”.
وما زاد من مخاوف روزبرغ خلال مجريات السباق، كان تعطل نظام استعادة الطاقة في سيارته، ويعد هذا النظام جزءًا هامًا من التقنية الحديثة. ويعني ذلك أنه كان بلا أي قوة تمنع تراجعه حتى المركز 14، ولكن الأمر الجيد أنه لم يكن لنظام النقاط المضاعفة أي تأثير على الترتيب النهائي.
وتحدث هاميلتون عن إحراز اللقب الثاني في هذه البطولة بقوله: “هذه أعظم لحظة في حياتي”. ولكن تلك اللحظة شهدت أيضًا مغادرة عدد من السائقين الآخرين إلى فرق أخرى على أمل تحقيق إنجازات جديدة، ولكنها لم تكن آمالًا حقيقية بالنسبة لبعض السائقين.
وحل فيليبي ماسا وفالتيري بوتاس، سائقا فريق ويليامز، في المركزين الثاني والثالث على التوالي، وقال السائق البرازيلي: “حقاً، إنها البداية فقط”، ثم أضاف: “نستطيع أن نفعل أكثر من ذلك بكثير”. ولكن للأسف لم يكن ذلك الإنجاز سوى لحظات فوز عابرة لفريق يملك تاريخاً حافلاً، ولكنه يواصل التراجع منذ ذلك الحين، حيث يقبع اليوم في المركز الأخير قبل سباق موسم 2018 في أبوظبي.
ويمكن لألونسو أن ينظر بحسرة إلى مغادرته فريق فيراري، بعدما حقق مع فريق الأحصنة الجامحة المركز الثاني في ثلاث بطولات، وقال ألونسو: “حان الوقت لإغلاق باب، وفتح باب جديد. سنرى كيف تسير الأمور”. ولكن الأوضاع سارت بشكل سيء للغاية مع فريق ماكلارين، وستشهد بطولة أبوظبي هذا العام الظهور الأخير للبطل الإسباني في عالم الفورمولا 1، على الأقل في الوقت الحالي.
من ناحية ثانية يرى بعض المراقبين أنه كان من الممكن لفيراري تحقيق البطولة لهذا الموسم لو كان ألونسو ما زال يقود لصالح الحصان الجامح، لكونه وبرأي بعض المحللين كان سيبتعد عن بعض الأخطاء القيادية والاستراتيجية التي أثرت بشكل فعلي على مسار البطولة.