كتب: المهندس بول جاموس
منذ اللحظة الأولى لإعتماد محركات الـ “هايبرد” 6 إسطوانات عام ٢٠١٤، سيطرت “مرسيدس” بشكل مطلق على بطولة العالم للفورمولا١ فكان الفريق الذي يتوجب على الجميع هزمه. ولكن، دخول “فيراري” بشكل جدي على خط المنافسة موسم ٢٠١٧، شكل أكبر التحديات للفريق الالماني “بحقبة الهايبرد” الحالية. في هذا التحقيق سنسلط الضوء على أداء الفرق كافة خلال عام ٢٠١٧ الإستثنائي.
إفتتحت “فيراري” الموسم بأبهى حلة بفرضها وتيرتها القوية، إستمرت بشكل عام طيلة الموسم مع معاناة على الحلبات التي تتطلب قوة خالصة من المحركات. في حين أن “مرسيدس” قدمت أداءً ثابتًا وعانت على بعض الحلبات ذات الخصائص المعتمدة أكثر على الارتكازية وتحمية الاطارات بشكل مثالي من اللفة الاولى.
“رد بُل” فبدأت الموسم بشكل مخيّب للآمال وانهته بشكل أفضل، مشاكل الموثوقية كانت أكثر ما عاناه الفريق هذا العام.
شكلت التغييرات الجذرية بقوانين الانسيابية لهذا الموسم أهم التحديات لجميع الفرق، فالفرق المتوسطة والصغيرة كانت بعيدة بالعديد من أعشار من الثانية عن فرق الصدراة.
أداء الفرق في 2017
يُظهر الرسم البياني التالي فوارق اللفات السريعة لكل جولات الموسم بين الفرق كافة. من الواضح جدًا أن “مرسيدس” كانت الاقوى طيلة الموسم بوتيرة اللفة الصاروخية الواحدة، وهي من نقاط القوة الأساسية عند “الأسهم الفضية” منذ بداية عصر الهايبرد، وتترجم ذلك هذا الموسم بحصول الحظيرة الألمانية على ١٥ من أصل ٢٠ قطب إنطلاق أول مع تفوقها على الجميع بإستخراج قوة إستثنائية من وحدة طاقة “مرسيدس الجبارة”.
ولكن حتى هذا الرقم الممتاز بالتفوق في اللفات الصاروخية شهد تراجع في تفوق “مرسيدس”، في ٥٩ جولة ما بين ٢٠١٤- ٢٠١٦ لم يتفوق أحد على فريق “الأسهم الفضية” من ناحية الاداء الخالص بالتجارب التأهيلية سوى خلال ثلاث مناسبات فقط، واحدة منها كانت بسبب إخفاق سائقَي الفريق. “فيراري” هذا الموسم كانت الفريق الوحيد الذي إستطاع أن يهزم “مرسيدس” بالتجارب التأهيلية وحصل ذلك خلال خمس مناسبات.
وتيرة السباق كانت أمرًا مختلفًا كليا”، التفوق بداية الموسم كان لـ “فيراري” التي تغلبت على “مرسيدس” بلعبة “إدراة الاطارات” وعمرها الافتراضي وإستخلاص أفضل الاداء منها. ومع تتابع الجولات طوّرت “مرسيدس” هذه الثغرة بحيث خف بشكل عام تفوق “فيراري”، ولكنه بقي يشكل خطرًا على الفريق الالماني على الحلبات ذات الاسفلت الناعم على سبيل المثال حلبة الاخوين رودريغز بالمكسيك.
التهديد الآخر الذي فرضته “فيراري” كان على الحلبات التي تعتمد أكثر على تصميم الهيكل والارتكازية، بحيث رأينا قوة السيارة الحمراء على حلبات متعرجة وضيقة وذات المنعطفات البطيئة مثل موناكو، المجر، سنغافورة، المكسيك. وهذا الامر يعود بالدرجة الاولى الى تصميم هيكل سيارة ٢٠١٧ بحيث شكلت قاعدة العجلات الأقصر أفضلية بهذا المجال مقارنة مع سيارة “مرسيدس” التي منحتها قاعدة العجلات الاطول تفوق على الحلبات المتميزة بمنعطفات سريعة ومتطلبة لقوة وعزم أكبر من المحرك.
فريق “رد بل” ورغم معاناته من الموثوقية مع محركات “رينو”، قدم أداءً جيدًا جدًا من بعد منتصف الموسم.
الثلاثي “مرسيدس” و”فيراري” و”رد بل” سيطر على مقدرات البطولة في ٢٠١٧، وكما كان متوقعًا ساعدت القوانين الانسيابية الجديدة الفرق صاحبة الميزانيات الأكبر التي ابتعدت كثيرًا عن فرق متوسط وأسفل الترتيب.
تطور الفرق منذ 2016
فريق “رينو” كان أكثر الفرق تحسنًا من ناحية كسب ثوانٍ أكثر عن ٢٠١٦، وهذا ما تظهره أرقام الرسم البياني التالي، ومن بعده مباشرة “فيراري” مفاجأة ٢٠١٧ التي حققت قفزة كبيرة بتطوير الهيكل ساعدها ذلك على تهديد “مرسيدس” بشكل مباشر طيلة الموسم. أما أكثر الفرق التي خيّبت الامال بهذا المجال كان فريق “ويليامز”، وهذا نتيجة إبقائه على نفس فلسفة تصميم ٢٠١٦ مع تعديلات بسيطة تتلاءم مع متطلبات قوانين ٢٠١٧.
موثوقية الفرق في ٢٠١٧
ليس الاداء وحده ما يميّز فريق “مرسيدس” إنما أيضًا الموثوقية، بحيث كان أقل الفرق تسجيلاً للانسحابات التي تتعلق بمشاكل مباشرة بالاعطال الميكانيكية. في المقابل شهدت وحدة طاقة “رينو” و”هوندا” أعطالاً بالجملة وقلة موثوقية كبيرة خلال الموسم، وهذا ما تُرجم الى إنسحابات كثيرة لـكل من “رد بل” و”تورو روسو”، “رينو” المصنعي و”مكلارين”.
موثوقية “الحصان الجامح” (فيراري) لم تكن بنفس مستوى “مرسيدس”، التي كلفت الحظيرة الإيطالية الكثير على صعيد الالقاب العالمية، إضافة لاخطاء قيادة وحوادث لسائقَي الفريق رايكونين وفيتيل. خاصة في سنغافورة والانطلاقة الكارثية.
بالنسبة لفريق “رد بل” تقاسم سائقاه الانسحابات خلال الموسم التي كانت أغلبها تتعلق بأعطال بوحدة طاقة “رينو”، إضافة لاخطاء قيادة وتهور ماكس فيرشتابين، الموهبة الهولندية الواعدة، في بعض الأحيان.
أداء وإعتمادية الفرق في ٢٠١٧
إذا جمعنا احصائيات الاداء مع الموثوقية نجد الرسم البياني التالي، الذي يعطي تصّور أفضل لنقاط القوة والضعف لكل فريق. مستوى التنافس الأفضل لفريق ما يكون كلما إقتربنا من اسفل الرسم البياني ناحية الشمال.
“مكلارين” التي عانت كثيرًا مع “هوندا” خلال موسمهما الثالث والاخير، متوقع أن تتطور من ناحية الأداء مع وحدة طاقة “رينو” في الموسم القادم، وهذا بدوره سيجعلها في مرتبة أقرب من “رد بل”. وبحال وجدت “رينو” حلول لمشاكلها، سنشاهد موسم تنافسي شيّق عام ٢٠١٨
تطور أداء الفرق في حقبة الهايبرد (٢٠١٤-٢٠١٧)
الرسم البياني التالي يوضح تطور الفرق خلال حقبة الهايبرد الجديدة منذ عام ٢٠١٤، ويظهر ابتعاد فرق الصدارة الثلاثة “مرسيدس”، “فيراري” و”رد بُل” عن الفرق البقية أكثر في ٢٠١٧. هذا المنحى مقلق للغاية ويتمثل أكثر بإبتعاد الفرق عن بعضها البعض ونتيجة ذلك تنعدم التنافسية ويقل التشويق ويزداد الملل.
ومع تسلم “ليبرتي ميديا” المالك الجديد للحقوق التجارية للبطولة، تسعى جاهدة لعكس هذا المنحى الخطير من خلال إعادة تشكيل القوانين التقنية وميزانية الانفاق وتوزيع العوائد على الفرق بطريقة أكثر عدلاً.
قد يبدو جليا” في هذا الرسم البياني إبتعاد فريق “ساوبر” كثيرًا عن منطقة الوسط، وهذا بسبب إستخدامه وحدة طاقة “فيراري” عام ٢٠١٦. أما العودة خلال العام المقبل إلى إستخدام وحدة الطاقة الجديدة بالكامل من “فيراري” والمسماة “ألفا روميو” العلامة القديمة ـ الجديدة في عالم الـ “أف 1″، مفروض أن يساعد “ساوبر” على المنافسة من جديد على النقاط وفي وسط الترتيب.
ملاحظة: “رينو” كانت “لوتس” في ٢٠١٤ و٢٠١٥
السيارات الاكثر سيطرة بين ٢٠١٠ و ٢٠١٧
الأرقام التالية تعكس مدى سيطرة سيارات “مرسيدس” على حقبة الهايبرد خاصة بين عامي 2014 و2016. أما هذا الموسم فقد تراجعت السيطرة بشكل لافت جدا وهذا ما شاهدناه خلال جولات الموسم بأكمله، بحيث بات على مرسيدس القلق أكثر من منافسة “فيراري” و”رد بُل”، أكثر من أي وقت سابق… فهل سنرى إنتهاء حقبة سيطرة “الأسهم الفضية” في ٢٠١٨؟!
ملاحظة : الإحصاءات والأرقام المُقدمة في التحقيق تعود للموقع البريطاني F1fanatic