كشف الاتحاد السعودي للسيارات والدراجات النارية عن المراحل الثلاثة التي تسبق تحديد مسار رالي داكار، والذي يُعتبر الأصعب والأكثر تحدياً في عالم رياضة المحركات لقساوته على السائقين والدراجين وآلياتهم على حدٍّ سواء، وكذلك إظهار للعالم الوجه الحقيقي للمملكة.
ويبدأ العمل على دراسة المسار وتحديد أدقّ تفاصيله لفئات السيارات والمركبات خفيفة الوزن والدراجات النارية والدراجات رُباعية العجلات والشاحنات قبل أشهر من قدوم طواقم الفرق إلى المملكة العربية السعودية، حيث تتمّ دراسة المسار على عدّة مراحل قبل تحديد جهوزيّته لوضع اللمسات الأخيرة عليه.
وفي تصريحٍ له تناول فيه آخر مستجدّات إعداد المسار، قال رئيس مجلس إدارة الاتحاد السعودي للسيارات والدراجات النارية، صاحب السمو الملكي الأمير خالد بن سلطان العبدالله الفيصل: ” يُعرف رالي داكار على أنه الرالي الأصعب والأكثر تحدياً في عالم رياضة المحركات، ولكن قلة قليلةً من الناس يعرفون المجهود الذي تبذله فرق العمل خلف الكواليس لتحديد مسارٍ يشكّل تحدّياً رياضياً للمنافسين من جهة ويلبّي من جهةٍ أخرى الأهداف التسويقية المتوخاة للمملكة من خلال استضافة هذا الرالي العالمي الذي تشخص إليه أنظار العالم.”
وأكمل سموّه الحديث مضيفًا: “لم نكن لنتمكّن من تحقيق هذا النجاح وتسخير كل هذه الإمكانات الهائلة لولا الدعم اللامحدود من مولاي، خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، حفظه الله، ثم من سمو سيدي ولي العهد، الأمير محمد بن سلمان، وثقة سمو الأمير عبدالعزيز بن تركي الفيصل، وزير الرياضة. وكل ذلك تماشيًا مع رؤية 2030، وبالاستعانة بالخبرات الواسعة والهمم القوية لشاباتنا وشبابنا وجميع أعضاء الاتحاد السعودي للسيارات والدراجات النارية”.
ويتطلّب العمل على وضع تفاصيل المسار جهدًا وتعاونًا كبيرين بين مختلف الوزارات والهيئات والأطراف، وينقسم على مراحل ثلاث وهي مرحلة التخطيط ومرحلة الاستكشاف ومرحلة تثبيت المسار.
تتظافر الجهود في مرحلة التخطيط بين الجهة المُنظّمة والمشرفة على الرالي وهي الاتحاد السعودي للسيارات والدراجات النارية، على رأسه صاحب السمو الملكي الأمير خالد بن سلطان العبدالله الفيصل، ولجنة إدارة الرالي وعلى رأسها المخضرم في هذا المجال وسائق الراليات والملاح السابق دافيد كاستيرا من جهة ثانية.
وتتمّ دراسة تفاصيل مراحل الرالي بعناية لتجمع بين فكرتين أساسيتين، أولهما رياضية بامتياز وينصبّ التركيز فيها على الطبيعة الجغرافية للمسار وتضاريسه لتضع السائقين والدراجين أمام تحدّيات تختبر مهاراتهم في القيادة والملاحة بالإضافة إلى قدراتهم الذهنية والجسدية. أما الشقّ الثاني فهو تسويقيّ بطبيعته نظراً لأهمية إظهار المملكة في أبهى حُللها والاستفادة من الفرصة للكشف للعالم عن جمالها الطبيعي وتنوّع تضاريسها، وذلك بخطّ مسارٍ يمرّ بمحاذاة أماكن ذات طابع سياحي أو تاريخي أو ثقافي أو أثري، فضلاً عن طبيعةٍ خلابةٍ وتضاريس متنوّعة من جبال ووديان وشواطئ يقلّ نظيرها في العالم.”
وينتقل المنظّمون إلى المرحلة الثانية وهي المرحلة الاستكشافية، حيث ينطلقون برحلة استكشافية للمسار، يجوبون بها أراضي المملكة لحوالي 24 يومًا، ويستطلعون خلالها المراحل 12 بأدقّ تفاصيلها.
وتتمّ خلال هذه الفترة معاينة طبيعة الأرض للتأكد من أن خياراتهم كانت صائبة في مرحلة التخطيط، وتتركّز جهود المنظّمين هنا على التأكّد من إمكانية عبور السيارات والشاحنات والدراجات بأمان، بدون إلحاق الضرر بأية معالم طبيعية أو أثرية، كما وتتم خلال هذه المرحلة دراسة الأمور اللوجستية والاختيار المبدئي لمواقع معسكرات الإقامة المؤقتة وتحديد المراحل الدائرية والماراثونية.
وبعد أشهر من التخطيط والاستكشاف، يغوص منظّمو الرالي في تفاصيل المسار، ويعملون على وضع اللمسات الأخيرة قبل انطلاق الرالي للتأكد من أن المسار يناسب فئات السيارات والشاحنات والمركبات خفيفة الوزن والدراجات النارية والدراجات رُباعية العجلات، وينصبّ العمل على وضع كتاب الطريق إضافةً إلى تحديد نقاط المرور خلال المراحل.
لكن لإنجاح حدثٍ عالمي بمثل هذه الضخامة، لا تقتصر الجهود فقط على القيّمين بشكلٍ مباشر على الرالي، بل يتمّ التواصل مع جميع الجهات المعنية ومع إمارات المناطق، ويتمّ التنسيق مع وزارة الرياضة في المملكة، كما ترافق الفريق خلال كل المراحل المديرية من العامة للدفاع المدني والشرطة وحرس الحدود والأمن العام، لضمان تنظيم فعالية آمنة للجميع.
وفي نسخة العام الماضي، أُضيف تحدٍّ آخر على المنظمين لاختيار مسارٍ يناسب فئةً عريقةً ومتجددة في الرالي ألا وهي “داكار كلاسيك”، التي تشارك بها سيارات وشاحنات صُنعت ما قبل عام 2000، لإفساح المجال أمام عُشاق رالي داكار لخوض تجربةٍ فريدةٍ واستكشاف الصحارى السعودية على متن سيارات عريقة مثل الفولكسفاغن بيتل والبيجو 504 والبورشه 911، وليكونوا روّاد الراليات الصحراوية الحديثة بسيارات كلاسيكية. لكن هذه الآليات المُشاركة بهذه الفئة لا تجتاز المسار نفسه الذي تجتازه باقي الفئات، بل يتم تخصيص مسارٍ محاذٍ لها يتناسب مع قدراتها، وتتشارك معسكر الإقامة المؤقتة نفسه مع باقي الطواقم، ويخضع المشاركون في هذه الفئة للقوانين نفسها ويحظون بالمساعدة عينها لباقي الفئات.
يقام رالي داكار للمرة الثالثة على التوالي في المملكة العربية السعودية، منطلقاً في الأول من يناير من حائل ليتّجه نحو عروس البحر الأحمر جدة التي تستضيف الحفل الختامي للإعلان عن الفائزين عن الفئات الستّ المختلفة، وذلك خلافاً لما اعتاد عليه المنافسون من ناحية اتجاه المسار نحو جنوب شرق المملكة، في خطوةٍ تُثبت طول باع الفرق المنظّمة وقدرتها على وضع مسارات تختلف كلياً عن بعضها البعض للنسخات الثلاث من الرالي.