مع 18 نقطة في مونزا، نجح فالتيري بوتاس وسيارته “مرسيدس” في أن يكون أكثر فعاليّة من كيمي رايكونن الّذي حلّ خامسًا مع “فيراري” (10 نقاط).
الأرقام قاسية ولا ترحم، ولكنها أيضًا محايدة وموضوعية ولا تقبل الجدل من أجل معرفة أهمية أو فائدة بوتاس ورايكونن لدى فريقيهما، لذا يكفي أن نقوم بالحسابات.
في خلال 13 جائزة كبرى كم مرة حصد الفنلنديان نقاطًا أكثر من الفريق المنافس؟ 6 مرات بالنسبة لبوتاس ومرتين فقط لرايكونن. خلال 13 سباقَا كم مرة حصدا النقاط بمواجهة منافس زميلهما؟ بوتاس 122 نقطة ورايكونن 36… الأرقام ثابتة وتدّل على ما يلي: لم يتمكن “الرجل الجليدي” (لقب رايكونن) بطل العالم 2007 من النجاح بمهمته سوى مرتين وتحديدًا في موناكو والمجر، حيث أكمل إنتصارَي سيباستيان فيتيل بالمركز الثاني. 18 نقطة مرتين بمواجهة هذه المنافسة الشرسة.
بوتاس من ناحيته فاز مرتين مع 25 نقطة (روسيا والنمسا)،ولكنه أيضًا حقق ثلاث “دوبليات” (كندا وإنكلترا وإيطاليا) خلف هاميلتون، كما علينا أن نشير إلى النقاط الّتي حصدها في أذربيجان (18) والّتي أنزلت فيتيل عن منصة التتويج (حلّ رابعًا).
ولكن الأرقام “باردة” في بعض الأحيان ولا تعكس الحقيقة أو تخفف من قيمة الواقع، فمن أجل أن نكون صادقين مع أنفسنا يجب علينا أن نعترف أن “المسكين” رايكونن في موناكو، وعلى غرار ما حصل في بودابست، كان بإمكانه أن يلعب ورقة الفوز لكن “السكوديريا فيراري” ردت بورقة الإستراتيجية ومنعته من الصعود إلى أعلى عتبة على منصة التتويج فوقف على العتبة الثانية ليشاهد فيتيل يحتفل بالفوز. حينها كان بإمكان الفنلندي أن يزيد إلى رصيده 14 نقطة قدّمها كهدية إلى زميله الألماني.
وحتّى سباق مونزا فإن الإستراتيجيات الّتي يتبعها كل فريق (فيراري ومرسيدس) بالنسبة للفنلنديَين مختلفة جدًا، فـ “الجيش الأحمر” يلعب ورقة فيتيل بدون أن يطرح أي سؤال مستفيدًا من أداء متواضع نوعًا ما من رايكونن، ولكن عند “مرسيدس” يفضّل الفريق، حتّى الآن، لعب ورقة “الروح الرياضية” بين سائقَيه. في المجر الحركة الّتي قام بها هاميلتون بإعادة المركز الثالث لزميله بوتاس نالت الكثير من التعليقات.
ولكننا حاليًا نتكلم عن حقبة أخرى، وهي ما قبل فصل الصيف والعطلة الرسمية، وحيث كان بالإمكان فعل ذلك، وليس عن الحقبة الّتي بدأت للتو والّتي يُطلق عليها تسمية مرحلة “وقت المال” (ماني تايم). فالبريطاني هاميلتون الذي ختم الموسم الأوروبي بإنتصارين على التوالي (بلجيكا وإيطاليا)، وذلك للمرة الاولى هذا العام، لم يخطىء. فكل نقطة لها أهميتها، في وقت سيدرك الشاب بوتاس هذا الواقع بسرعة كونه بات يتأخر بفارق 38 نقطة عن فيتيل و41 عن هاميلتون المتصدر، حيث يبدو واضحًا أن آماله بالمشاركة في الصراع على اللقب تتبخر شيئًا فشيئًا.
مع نهاية سباق مونزا، وكجندي جيّد، لمّح بوتاس إلى إمكانية إستسلامه بطريقة سرية، وقال: “دائمًا لعبت بشكل جماعي ولكن خلال سباقين كان هاميلتون أفضل مني. سيكون من السخيف أن أحاول القيام بشيء غبي بدلاً من تأمين المراكز وعلى سبيل المثال المركز الثاني. ليس أنا من يتوجب عليه أن يُقرر الخروج من الصراع على اللقب، ولكن في حال قرر الفريق ذلك سنرى ماذا سيحصل..”.
بالنسبة لفيتيل، فقد سبق له أن شاهد كل شيء، وعندما نسأله عن النقاط المهدورة، يروي لنا قصة مختلفة جدًا عن الزميل في الفريق، فيقول: “بداية نحن نسابق من أجل الفريق ولا أعتقد أنه شرّع لي المسار في بداية سباق مونزا وأنا بدوري لم أنتظر منه ذلك، ولكن كنت ببساطة أسرع منه. ولكن بدلاّ من النظر إلى نتائج الفريق أعتقد أنه لا يجب أن ننسى الكيمياء التي يمكن، أو لا، أن تنشأ في الفريق. في هذا المجال يقوم رايكونن بعمل رائع. تعتقدون أنه لا يتكلم ولكنه داخل الفريق يقوم بذلك ومعرفته التقنية لها أهمية كبيرة. ولأننا نتفاهم بشكل جيد فلا توجد أي مشكلة”.
الأرقام حاسمة ولا جدال فيها ولكنها في الوقت ذاته تُهمل الأساس: الإنسان، فهاميلتون نجح مع بوتاس في أشهر قليلة في إقامة علاقة ودية وأقل توترًا مما كانت العلاقة بينه وبين نيكو روزبرغ زميله لفترة 20 عامًا. فيوم السبت وخلال توقف فترة التجارب لساعتين بسبب الامطار شاهدناه وهو يلعب الـ “بلاي ستايشن” مع زميله الفنلندي..
عند “فيراري” ينطبق الامر ذاته، ففيتيل بحاجة لدعم رايكونن حتّى لو أنه يحصد نقاطاً أقل. وهو بحاجة إليه، لدرجة أنه دفع فريقه لتمديد عقد الفنلندي لمدة عام.
الخبير