مع تقدم عمليات التطوير الخاصة بمحرّك سيارة أستون مارتن فالكيري الجديد؛ بات من الممكن الكشف عن بعض من أسرار هذا المحرك الاستثنائي من طراز V12، حيث تم تطويره بالتعاون مع كوزوورث، الشريك التقني العريق للعلامة، وفق مفهوم بسيط ومبتكر بالوقت ذاته يتلخّص في ابتكار محرك الاحتراق الداخلي الأفضل في عالم السيارات.
وقد سعى مهندسو البرنامج لتطوير محرك سحب طبيعي من البداية، بينما بلغ الشاحن التوربيني مستوى متقدم من الأداء ليقدم فوائد واسعة النطاق، خاصةً في اختبارات الطريق، حيث تتطلب سيارة العصر المثالية بالنسبة للسائقين محرك احتراق داخلي يحقق أقصى درجات الأداء والحماسة والشغف، وهو أمر لا يمكن تحقيقه سوى بمحرك سحب هواءٍ طبيعي،
ويعد المحرك تحفةً فنية بجميع المقاييس، وذلك مع سعته الكبيرة 6.5 ليتر واحتوائه على 12 أسطوانة V12 بزاوية 65 درجة معايير استثنائية لأقصى نسبة من عزم الدوران مع 10,500 دروة بالدقيقة وقوةٍ تصل إلى 1000 حصان (أو 153.8 حصان لكل 1 ليتر)، ويتابع المحرك عزمه ليصل إلى حده الأعظمي البالغ 11,100 دورة، وهي أرقام غير مسبوقة بالنسبة لمحركات السحب الطبيعي والتي تلتزم بمعدلات الانبعاثات.
وبالتالي يحقق المحرك أفضل أداء في فئته على الطرقات، خاصةً مع حد عزم يبلغ 740 نيوتن متر عند 7 ألاف دورة بالدقيقة. ومع هذه الأرقام غير المسبوقة التي يقدمها محرك الاحتراق الداخلي؛ ستعزز أستون مارتن فالكيري من أدائها بشكل أكبر مع تزويدها بنظام هجين للبطارية، والتي سيتم الكشف عن بقية التفاصيل المتعلقة بها لاحقاً مع تقدّم مراحل برنامج التطوير.
وتتمتع كوزوورث بخبرةٍ كبيرة في عالم سيارات فورمولا 1، والتي أثبتتها من جديد بتقديم وزنٍ يصعب تصديقه لترسي معياراً جديداً كلياً في القطاع.
وقد شكّل تخفيض وزن المحرك تحدياً كبيراً، نظراً لكونه القلب النابض للسيارة، ولكونه يضمّ العديد من الابتكارات التقنية لتطوير نظام الاحتراق الجديد. وحرص مهندسو برنامج التطوير على تجنب استعمال أي مكونات جديدة لم يتم إثبات متانتها مع مرور الوقت.
وبصرف النظر عن نوعية المعادن المستعملة في صب قطع المحرك بما فيها الكتلة الرئيسية ورؤوس الأسطوانات وحوض الزيت وأغطية نواقل الحركة، فإن القطع الداخلية للمحرك تتميز بهياكل صلبة للغاية، بما فيها عمود المحور المصنوع من التيتانيوم والمكابس المصنوعة وفق معايير محركات سيارات فورمولا 1.
ولا يتوقف الأمر على استعمال مواد تتميز بخواص مثالية فحسب، وإنما في عملية التصنيع نفسها التي تتسم بالدقة الفائقة، ما يوفر أكبر قدر من التناغم بين مختلف المكونات، وبالتالي تقليص كتلة المحرك الإجمالية ورفع القوة إلى أقصى حدودها.
وقد أسفرت هذه الجهود في نهاية المطاف لتطوير محرك استثنائي يبلغ وزنه 206 كغ فقط. وعلى سيبل المقارنة، فقد بلغ وزن آخر محركات V10 المستخدمة في سيارات فورمولا 1 وبسعة 3.0 ليتر من كوزوورث نحو 97 كغ، وذلك قبل تحديد أوزان المحركات من قبل الاتحاد الدولي للسيارات. وإذا ما رفعنا معدل السعة في هذا المحرك إلى 6.5 ليتر، سنصل إلى محرك يزن 210 كج.
ويشكل عمود ذراع المكابس الوظيفي أحد الأمثلة الواضحة على عمليات التحسين الكبيرة التي يحققها المحرك الجديد.
وقد تم ابتكار هذا العمود وفق مراحل متنوعة بدايةً من استعمال محور معدني صلب بقطر 170 ملم وطول 775 ملم، مروراً لعملية التنعيم والمعالجة الحرارية، وانتهاءً بمرحلة المكننة والمعالجة الحرارية مرةً أخرى والمعالجة مع التروس واللمسات النهائية.
وعند الانتهاء من العمل بنسبة 80% على العمود الأصلي والذي استغرق نحو ستة أشهر، تمكن المهندسون من تطوير عمود ذراع المكابس بوزنٍ أخف بنسبة 50% عن نظيره المستعمل في محرك V12 الموجود في سيارة أستون مارتن One-77.
وكانت شركة كوزوورث قد قامت بتطوير سلسلة محركات V12 المستعملة في سيارات أستون مارتن لتتمكن الآن من إنتاج واحد من أقوى محركات السيارات على الإطلاق.
وفي إطار تعليقه على هذا الانجاز، قال بروس وود، المدير الإداري لمجموعة كوزوورث:”نفخر في كوزوورث لحصولنا على فرصة ابتكار محرك سحب طبيعي من نمط V12 ليتناسب مع سيارة أقل ما يقال عنها أنها ستكون عنواناً للتميز والإبداع على مر العصور.
وبفضل خبرتنا التي تمتد لعقود طويلة من العمل على بناء محركات سيارات فورمولا 1، بات بإمكاننا أن نتوقع متطلبات فريدة من حيث الخصائص من قبل أساطير عالم السيارات مثل آدريان نيوي الذي يتمتع بسجل عريق من النجاحات المذهلة في مجال هندسة السيارات.
لكن المفاجأة في أستون مارتن فالكيري تمثّلت في صعوبة التحدي لتوفير خواص محددة تلبي متطلبات القوة والوزن والامتثال لمعايير الانبعاثات والمتانة، والتي يعد كلاً منها هدفاً صعباً بحد ذاته، ناهيك عن أنها قد تتعارض فيما بينها أحياناً.
وقد مثّل هذا التعاون بين أستون مارتن وRed Bull وكوزوورث شراكةً رائعةً نظراً لما قدمه كل فريق من رؤية واضحة ومحددة أسهمت بشكلٍ فاعل في بناء محرك احتراق داخلي تجاوز بأشواط كل من سبقه في السيارات المخصصة للطرقات”.
وبدوره، علّق الدكتور آندي مارتن، الرئيس والمدير التنفيذي للمجموعة في أستون مارتن لاغوندا، حول محرك سيارة أستون مارتن فالكيري:
“يقدم هذا المحرك ذو السحب الطبيعي قمة الأداء لجميع محبي وعشاق السرعة. فليس هنالك أروع من الحصول على محرك مثالي يتميز بإمكانات مذهلة تعبر عن الشغف والحماس المطلق. وبغض النظر عن بعض الصعوبات التي واجهناها؛ كنت على ثقةٍ بأنأستون مارتن فالكيري لن يرضى بأقل من الكمال. ومنذ البدايات الأولى؛ حرص فريق كوزوورث على الالتزام المطلق لتحقيق هذا الانجاز الرائد وتجاوز حدود المعايير السائدة حالياً، وهو ما نراه جلياً في هذا المحرك الذي لا يمكننا وصفه بأقل من خارق! و باعتقادي سيكون من المستحيل تطوير أفضل منه”.
و يأتي محرك أستون مارتن فالكيري من نوع V12 بقوة (1000 حصان) محاكياً لمحركات سيارات فورمولا 1 فائقة السرعة من تسعينيات القرن الماضي، ومستفيداً من عقدين من التطوير في مجال التصميم، ومواد التصنيع، والخبرة في الصناعة، وليصبح بذلك قطعةً فنية لا مثيل له في عالم محركات الاحتراق الداخلي للسيارات الفائقة، وهو إنجازٌ لا يمكن إبداعه إلا على يد أفضل صناع المحركات في العالم