جائزة سنغافورة 2017: ماراثون في الأمازون أو مباراة ملاكمة في حمام تركي

على الرغم من سدل الستار على جائزة سنغافورة الكبرى يلقي موقع “ويلز” نظرة على ما تمر به الفرق قبل وخلال هذا السباق المتطلب جسديًا وذهنيًا.

من الممتع والمثير قيادة سيارة فورمولا واحد في شوارع سنغافورة، في قلب الليل، في “ديكور” من الحلم مع سرعة تصل إلى أكثر من 300 كلم/س في بعض الأماكن، ما يمنح جائزة سنغافورة الكبرى صورة إستثنائية. ولكن التلاعب بالحدود القصوى والإستمرار بذلك خلال ساعتين مع بذل مهجودات جبارة، (شعور بالعذاب بالنسبة للسائقين المبتدئين)، يفرض على السائق تقديم بعض التضحيات. وفي بعض الاحيان حتّى حدود معاقبة الذات.

سيباستيان فيتيل يقول عن هذا السباق: “إنه أكبر التحديات في العام من الناحية الجسدية. المسار طويل، مع الكثير من المنعطفات، والحرارة مرتفعة وكذلك الرطوبة، والسباق يُقام في الليل وهو دائمًا طويل”.

وفي ظروف الحرارة والرطوبة التي تلامس  الحرارة في ماليزيا (28 درجة مئوية ونسبة الرطوبة 73 بالمئة خلال التجارب)، ولكن على حلبة شوارع لا تترك سوى القليل من هامش الخطأ والوقت للتعويض، يتطلب هذا السباق قدرات جسدية عالية وإستثئناية. خصوصًا هذا العام خلف مقود سيارات الفورمولا واحد الجديدة التي تتطلب بدورها الإنغماس الكليّ ومقاومة في جميع المراحل.

تابعونا على وسائل التواصل
Twitter reddit Quora

سباق للفورمولا واحد في سنغافورة هو أشبه بماراثون في غابات الأمازون أو مباراة ملاكمة في حمام تركي. وفي هذا الصدد يقول الفرنسي رومين غروجان: “في اليابان نعاني من الضغط العضلي بسبب القوة المركزية، ولكن في سنغافورة التعب الجسدي عام خلال السباق. نصل إلى حدود التجفيف الجسدي ونخسر ما بين 3 أو 5 كيلوغرامات من المياه على الأقل، أي حوالي 10 بالمئة من وزننا”.

في سنغافورة فقط الإعداد البدني الجيّد يسمح للسائق بالتمتع بسباق جيد يوم الأحد، فالمعركة ضد التعب يفوز بها السائق في الأسابيع والشهور السابقة، وخلال فترة طويلة من التمارين مع شرب الكثير من المياه والتمرن في أماكن ملاءمة للاسترخاء أكثر من ممارسة الرياضة.  فغروجان إجتاز 200 كلم على متن درجة هوائية خلال 6 ساعات ونصف الساعة قبل 8 أيام من إنطلاق السباق، وبدأ إستيبان أوكون يتمرن يوميًا بعدما كان يخضع للتمارين 4 أيام في الأسبوع.  أما سيرجيو بيريز فيرتاح في حمام تركي، بينما نقل آخرون معدات قياس دقات القلب إلى حمام السونا في ظل درجة حرارة وصلت إلى 50 درجة مئوية إذ يتوجب على السائق أن يدوس على الدواسات كي يعتاد جسمه على الجهد في الحرارة، دون الكثير من القوة إذ بخلاف ذلك يمكن أن تكون المسألة خطيرة. حتّى أن البعض يضع السخان بجانبه لرفع حرارة الغرفة.

وخلال السباق  يعيش السائقون في ظل الظروف الفعلية، مع ليلة من التعرق داخل غرفة الفندق مع التحكم بتكييف الهواء في الغرفة على درجة حرارة ليست بعيدة جدًا عن الدرجات الحقيقية في الخارج (28 درجة مئوية في غرفة أوكون)، مع الإنتباه الشديد من التعرض لضربات  البرد في قاعات الفندق أو سيارات الأجرة المبردة.

 

أوكون يؤكد على الأمر بقوله: “في وقت مبكر من الأسبوع الماضي، أجبرت نفسي على شرب ليترين ونصف ليتر من الماء يوميًا. الأمر فظيع!، فقد قضيت حياتي في المرحاض! “أما دانيال ريكياردو فيقول: ” شعرت وكأنني أمضي يومًا كاملاً مع زجاجة من الماء في يدي، ومع ذلك لم أتمكن من التبول بسبب التعرق”.

خلال السباق يسمح الإتحاد الدولي للسيارات “فيا” في السباق للفرق بأخذ معها ما يصل إلى 1,5 ليتر من السوائل، والّـتي تدخل ضمن قيود الوزن من تلقاء نفسها. لذا يأخذ فريق “ريد بُل”  الحد الأقصى لكي يضمن أن يشرب سائقيه في درجة حرارة مقبولة طوال السباق (كلما إرتفع حجم السائل، كلما استغرق وقتًا أكثر لتسخينه بسبب الجمود الحراري). سائقا مرسيدس يأخذون ليترًا واحدًا، في حين يمنح فريق “هاس” كوبًا واحدًا فقط من الماء (350 ملم كحد أقصى) لسائقه رومين غروجان الذي يُشبهه البعض “بالجمل”، بينما هو يقول: “لا أفكر أبدًا في الشرب. في مونزا لم ألمس عبوة المياه، لذلك في سنغافورة أطلب من مهندسي أن يعطيني تعليمات للشرب قليلاً كل عشرة المنعطفات. “

وتشير الأرقام إلى أن السائقين يخسرون ما بين 3 و5 ليترات من المياه خلال السباق، علمًا أن معدل نسبة الرطوبة يصل إلى 73 بالمئة، وبإمكانه أن يصل إلى 90 بالمئة أحيانًا. أما الحرارة داخل مقصورة السيارة فيمكن أن تصل إلى 60 درجة مئوية، علمًا أن السائق يعمد إلى تعشيق نسب السرعة 80 مرة في اللفة الواحدة، أي 4880 مرة خلال السباق وهو أعلى عدد في العام.

كما تتميز حلبة سنغافورة (مارينا باي ـ 5,065 كلم.) بأكبر عدد من المنعطفات (23) ومعظمها 90 درجة، ما لا يترك للسائق أي مجال للتنفس. أما أطول مدة مع السرعة القصوى فلا تتخطى الـ 9 ثوانٍ خلال سباق يمتد لـ 61 لفة وتبلغ مسافته الإجمالية 308,828 كلم.

ومهما خضع السائقون للتمارين فإنهم سيتعرقون بالتأكيد بسبب الخطوط المستقيمة القصيرة جدًا وكثرة المنعطقات والّتي لا تسمح للسائق بإستعادة إنتعاشه. وفي النهاية نقرأ التعب على وجوه الجميع ولكن بالتأكيد ينسى من يرفع كأس المركز الأوّل ما مرّ به خلال سباق سنغافورة، وهذا العام كان البريطاني لويس هاميلتون هو سعيد الحظ!

الخبير

موقع ويلز لايف ستايل
Bookmark the permalink.